مفتاح نجاح أي عمل تجاري هو توظيف الشخص المناسب في المنصب المناسب، خاصةً في قسم الموارد البشرية.
قد يصعُب أحياناً اختيار الطاقم المناسب وضمان الاستفادة من أقصى قدراتهم.
يعتبر قسم الموارد البشرية حجر الأساس في أي شركة سريعة النمو. لكن وكما سيتضح في هذا المقال، غالباً ما تُهمل تقنيات إدارة تكلفة الموارد البشرية في العديد من المؤسسات.
فعلى الشركات إدارة مواردها البشرية بفعالية وكفاءة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
قد تساعد تقنيات إدارة الموارد البشرية الإستراتيجية في ضمان فعالية أعضاء فريقك ورضاهم الوظيفي وتطور الثقافة المؤسسية.
لكن دعنا نعرّف أولاً إدارة النفقات كدور من أدوار قسم الموارد البشرية قبل شرح تقنياتها بالتفصيل.
ما هي إدارة النفقات في سياق الموارد البشرية؟
أدى تعقيد التنظيم المؤسسي الحديث إلى ضرورة وجود تعريفٍ واضحٍ لمهام كل منصب. توظيف طاقم مكلف للغاية، ومهمة الموارد البشرية هي حفظ النظام داخل المؤسسة. فعلى المديرين إبقاء هيكل التوظيف ذاته وعدم إضافة موظفين جدد دون موافقة مسبقة من الموارد البشرية. لذلك، تقع مسؤولية السيطرة على تكلفة القوى العاملة في المؤسسات على عاتق قسم الموارد البشرية.
فقسم الموارد البشرية مسؤول عن التخطيط لإدارة رأس المال البشري والإبلاغ عن تكاليف الطاقم، ما يمثل تغيراً ملحوظاً في ماهية واجبات العديد من الوظائف. من الضروري إدارة النفقات البشرية باستراتيجية؛ فمن غير الممكن التحكم بها مثل بنود الميزانية الأخرى. لذلك يعتبر حفظ الأهداف الموضوعة وتمكين المديرين من توسيع الشركة ضمن مسؤوليات الموارد البشرية.
من المهم تحديد المهام والواجبات بوضوح أثناء إدارة التكاليف البشرية، حيث يترتب على المديرين تسليم المسؤولية إلى الموارد البشرية. رغم عدم توافق هذه الاستراتيجية مع تفضيلاتهم، فلا بد من تغيير هذه العقلية. فمن غير المنطقي بناء اختياراتهم على الموارد المقدمة من مركز النفقات لديهم.
يعد وضع التوقعات والتحليلات عنصراً جوهرياً في إدارة التكاليف. يجب على قسم الموارد البشرية توقع زيادة تكاليف القوة العاملة والتخطيط لمواجهة حالات الطوارئ المختلفة. حيث يلعب قسم الموارد البشرية دوراً مفصلياً عند حصول تغيرات سريعة في الظروف الخارجية. تتطلب مثل تلك الظروف تحركات سريعة، واختيارات مؤسسية مبنية على التنبؤات وخطط التصدي الموضوعة مسبقاً.
لا تعجِب إدارة النفقات المديرين، حيث يودون التمتع بحرية مطلقة. لكن ليس بمقدور الإدارة العليا منحهم سيطرة كاملة على إدارة التكاليف، فهي بحاجة لأقسام تركز على هذه المهمة. لذلك تقع مسؤولية إدارة تكاليف موظفي المؤسسة على عاتق قسم الموارد البشرية.
تقنيات إدارة النفقات للموارد البشرية
هنا، سنتعرف على بعض أساليب إدارة تكاليف الموارد البشرية الأكثر شيوعاً ضمن الشركات الصغيرة والمتوسطة. وسنقدم لك نصائح بشأن أفضل تدابير خفض النفقات؛ لتقليل النفقات وتحسينها وفي ذات الوقت تعظيم إمكانات قواك العاملة وعملياتك التجارية.
-
التوظيف:
من أكثر تقنيات إدارة تكلفة الموارد البشرية الباهظة هي تعيين موظفين جدد. بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة، قد يؤثر تعيين مرشح غير مناسب سلباً على الشركة بأكملها. تنوه مدونة ‘ذي أندركڤر ريكروتر’ إلى أنه بالإضافة إلى الأجور، عليك أيضاً احتساب تكاليف التوظيف والمكافآت ومساحة المكتب والمعدات والوقت اللازم لتعيين موظف جديد. ولهذا السبب، فمن الضروري تضمين المبلغ المنفق على التوظيف في دراسات تكاليف الموارد البشرية.
كيفية إدارة تكلفة التوظيف:
يعتمد توسع الأعمال ونجاحها المستمر في كثير من الأحيان على تعيين موظفين جدد. لكن، توجد سبلٌ لتبسيط عملية التوظيف وخفض تكاليفها. لاكتشاف أفراد جدد، قد تطبق الشركات الصغيرة والمتوسطة عدداً من أساليب التوظيف البديلة. وتستخدم كثير من الشركات كذلك أنظمة تتبع المتقدمين (ATS) لتقليل العبء الإداري للتوظيف.
-
إنهاء اتفاقيات الاستعانة بمصادر خارجية وإبقاء العمل داخل المؤسسة:
لربما تتكبد شركتك أكثر من اللازم مقابل المرونة التي يوفرها طرف ثالث. فإن كان باستطاعتك إكمال العمل باستخدام موارد داخلية فذلك مربحٌ للطرفين، لأنك ستتمكن من توفير المال والحفاظ على موظفيك. قبل إنهاء العلاقة، من الضروري النظر في أي مسؤوليات تعاقدية محتملة مع الطرف الثالث. على سبيل المثال، انظر ما إذا كان هنالك تكاليف مرتبطة بإنهاء العقد.
-
مزايا العاملين:
يمكن اعتبار امتيازات العاملين إحدى أهم تقنيات إدارة النفقات المتعلقة بالموارد البشرية. حيث صُنّف ارتفاع تكلفة مزايا العاملين كمصدر قلق لدى 51٪ من الشركات التي استجوبها ويليس تاورز واتسون في استطلاع اتجاهات الفوائد في المملكة المتحدة لعام 2019. ومع ذلك، إذا استُخدمت المزايا بشكل صحيح، قد تساعد في خفض النفقات عن طريق تقليل معدل تغيير الموظفين وتعيين مرشحين بمؤهلات عالية.
كيفية إدارة تكلفة مزايا العاملين:
في نهاية المطاف، من المهم الموازنة بين النفقات الأولية للمزايا الوظيفية وتأثيرها على نتائج التوظيف والإنتاجية والاحتفاظ بالعاملين، خاصةً إذا كانت شركتك صغيرة أو متوسطة وتنافس شركات أكبر. لتقييم فعالية حزم المزايا الوظيفية، يجب احتساب بيانات الموارد البشرية. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري تتبع معلومات الرواتب والمزايا باستخدام البرامج المخصصة، ذلك للحصول على صورة شاملة لتكاليفك.
-
تقليل أو إلغاء التدريب الخارجي:
نظرًا لأهميته في تطوير قدرات جديدة، ومساعدته في الاحتفاظ بالموظفين، وتزويده المؤسسة بأفكار مبتكرة، يعد توفير التدريب المهني جوهرياً لكل من الشركات وقواها العاملة. في حال عدم توفر الميزانية اللازمة للاستعانة بالتدريب الخارجي، يمكن لخبراء شركتك الداخليين ملء هذا الفراغ من خلال توليهم قيادة الدورات التدريبية. قد يفيد الحد من عدد الدورات التدريبية الخارجية المقدمة لأفضل عامليك الموهوبين، ولكن لا يُنصح بالاستغناء عنها كلياً.
-
الاحتفاظ بالموظفين:
وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة ‘أوكسفورد إكونوميكس’، تبلغ تكلفة استبدال الموظف 30,614 جنيه إسترليني وسطياً، مما يعني أن ارتفاع معدل تغيير الموظفين يأتي على المؤسسات بتكاليف هائلة. يرجع هذا إلى تكاليف تعيين موظف جديد والإنتاج الضائع فترةَ تأقلمه مع الوظيفة الجديدة. تطبق العديد من الشركات تقنيات إدارة النفقات للمساعدة في خفض معدل تغيير الطاقم. ومع ذلك، زيادة الشركات للمكافآت وحزم الامتيازات لإغراء عامليها المتميزين والاحتفاظ بهم هي عملية باهظة بدورها.
كيفية إدارة تكاليف الاحتفاظ بالموظفين:
لا حاجة لإعطاء حوافز زائدة للحفاظ على طاقم جيد. من المهم تقديم رواتب ومزايا تنافسية. مع ذلك، يعتمد الحفاظ على فريق عمل كفؤ في نهاية الأمر على إنشاء ثقافة قوية وداعمة في بيئة العمل. ننصح باتخاذ موقف واضح (بالعمليات والسياسات) بشأن المواضيع الحساسة، بما في ذلك الصحة النفسية والتنوع العرقي والرفاهية ومنع التنمر
-
الموارد البشرية والإدارة:
عند خفض نفقات الموارد البشرية للشركة، كثيراً ما تتم الإجراءات الإدارية خلف الكواليس وقد تمر دون أن يلاحظها أحد. إذا لم تكن أنظمتك فعالة، فقد يؤدي الوقت والجهد اللازمين لجمع ومعالجة بيانات الموظفين لترتّب نفقات معتبرة على الشركة. ويهدر العمل الإداري وقتاً يمكن توظيفه لأداء أنشطة أهم، مما يؤدي إلى إبطاء العمليات التجارية وإحباط معنويات العاملين.
كيفية تدبير تكاليف إدارة الموارد البشرية:
في أغلب الشركات، تفقد الملفات الورقية وجداول البيانات فعاليتها عندما يتعلق الأمر بإبقاء كل شيء محدّثاً، أو تنفيذ العمليات الحسابية أو حتى العثور على المستند المناسب.
لذلك يعد تثبيت نظام برمجيات الموارد البشرية حلاً بديهياً لمعظم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تنوي التوسع. فإدارة الإجازات والغيابات ومراجعات الأداء والإجراءات التأديبية هي من ضمن العمليات الإدارية التي يسهلها البرنامج المناسب على المديرين ومتخصصي الموارد البشرية.
-
التدريب والتطوير:
يعد التدريب وأساليب تطوير الموظفين الأخرى ضرورة للاحتفاظ بالموظفين ونمو الشركة باستخدام الخبرات الداخلية. ومع ذلك، إذا لم يتم التعامل مع التدريب والتطوير بعناية فقد يكون باهظاً للغاية بقدر أساليب الاحتفاظ الأخرى. فقد تؤدي أساليب التدريب العقيمة أو المعقدة أكثر من اللازم إلى تكلفة الشركة أكثر مما ستوفره من الخبرات المكتسبة.
كيفية إدارة تكلفة التدريب والتطوير:
ادرس الاحتياجات التدريبية للشركة لتحدد مواطن الضعف ومعالجتها عبر التدريب المهني وتقنيات تطوير العاملين الأخرى. سيساعدك هذا في اختيار المبلغ المناسب لرعاية مشاريع التدريب، التي من شأنها زيادة الربح من خلال تعزيز مشاركة الموظفين وتطوير قدراتهم الضرورية لتحقيق الأهداف.
بالإضافة إلى التدريب المهني، قد يستفيد الموظفون من الاجتماع بمديريهم المباشرين على انفراد لتلقي النقد البناء. تعزز أيضاً المراجعات السنوية المنظمة وتحديد الغايات بأهداف ذكية (S.M.A.R.T) شعور الموظفين بقدرتهم على التقدم مهنياً ضمن المؤسسة.
-
تعامل مع الموظف المتكاسل:
إن لم يكن أداء الموظف بالمستوى المطلوب، فقد تلجأ كحل أخير إلى اعتبار خيار تسريحه. رغم صعوبة هذا الحل، إلا أنه سبب إضافي للتركيز على ذوي الأداء العالي في وقت تحتاج فيه الشركة إلى خفض التكاليف.
-
تبسيط الإجراءات:
قد تجد فرصاً لتحسين الفعالية من خلال تحليل عمليات الموارد البشرية الحالية، بمنح الموظفين مجالاً لإنجاز واجبات أخرى قد تتطلب خلاف ذلك عدداً أكبر من العاملين. يمكنك أيضاً معرفة المهام التي -إذا لم تعد ضرورية- يمكن تعليقها مؤقتاً أو إلغاؤها.
-
تتبع وتقييد العمل الإضافي وعلاوات المناوبة:
يمكن لفريق الموارد البشرية وكشف المرتبات مساعدة الشركة بشكل كبير في تحليل الأجور الساعية، ذلك من خلال دراسة جدولة الموظفين لتقليل العمل الإضافي وعلاوات المناوبة كلما أمكن. بالإضافة إلى ذلك، يستطيع الفريق تنشيط ميزة في برنامج الموارد البشرية الخاص بهم لتبلغ عن العمل الإضافي عند جدولة الموظف لعدد ساعات مبالغ فيه في فترة الدفع، مما يوفر طريقة استباقية لخفض التكاليف.
في الختام:
إحدى المتطلبات الأساسية لنجاح أي مشروع أو عمل تجاري في هذه الحالة هي تقنيات إدارة النفقات. حيث يسهُل تحديد الأهداف والعمل على تحقيقها عند معرفة مجال التكاليف الذي تستطيع الشركة تحمله.
يمكن لقسم الموارد البشرية استخدام مختلف الأدوات والأساليب عند وضع خططهم، وعليهم الإحاطة علماً بجميع الموارد واستخدامها بحكمة لتحقق المؤسسة ذروة إمكاناتها. فعندما يعمل قسم الموارد البشرية بكامل طاقته، تكون المؤسسة بأكملها في ذروة أداءها أيضاً.